الاستواءُ :
-------------
قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] . فأقول مضطرا :
والاستواءُ عِندنا معقولُ
لكنَّ كيفُهُ هُوَ المجهولُ
وذا مقالُ (مالكٍ) في الأَثـرِ
لم يكُ يوماً جهميَّاً أَشعريْ
فالاستوا معنىً فصِيحٌ يُعقلُ
لكنَّ (كيفَ الاستواءُ) يُجهلُ
إذ لا معارضةَ لدى الأَذهانِ
ما بينَ نفيِ الكيفِ والمعاني
فإِنَّ نفيَ الكيفِ دونَ المعنى
نفيٌ لأِدراككَ لا للمعنى
فليسَ ذاكَ النفيُّ للمضمونِ
وإِنَّما للكيفِ عنِ المَكُوْنِ
والاستوا أَصلٌ مَعَ الصِّفاتِ
وهي بدورِها فرُوعُ ذاتِ
كالوجهِ والأُصبعِ والعينينِ
والسَّاقِ والقَدَمِ واليدينِ
وغيرِها مِن خَبَرِ الصِّفاتِ
مِمَّا أَتى وَصَحَّ عَن ثِقاتِ
يُقالُ فيها ما يُقالُ ها هُنا
نفياً وإِثباتاً مُحالاٌ مُمكِنا
والاستواءُ جَـاءَ للرحـمـنِ
في سبعِ آياتٍ من القرانِ
بأَربع مِنَ المعاني حُـقِّـقَـا
بِحَسْبِ حرفِـهِ الذي تعلَّقا
وَهْيَ (عَلا) لِـمَـنْ لَـهُ أَقَـرَّ
(صَعَدَ)وَ(ارتَفَعَ)وَ(اسْتَقَرَّ)
وَالاسْتِوَاءُ صِفَةٌ فِعْلِيَّةْ
لَكِنِ العُلُوُّ صِفَةٌ ذَاتِيَّةْ
فَهْوَ العَلِيُّ وَصَاحِبُ القَدَرْ
عُلُوُ (ذَاتٍ)وَ(صِفَاتٍ)وَ(قَهَرْ)
فاللهُ في السَّمَاءِ غيرَ مَحْوِ
كونَ السَّمَاءِ مُطلقَ العُلُوِّ
فإِنْ سُئلْتَ بعدَ ذا أَينَ هُوَ ..؟!
فقُلْ لَهُمْ هُوَ على العَرشِ اسْتَوَى