أحاديث الهوى

 

أَحاديث الهوى

أَيُّهَا الرَّاوي أَحاديثَ الهوى
هل أَتى منها حديثٌ مُسنَدُ
يَخْمُدُ النَّارَ التي وسْطَ الجَوَى
ما لِنارٍ في الجَوَى لا تُخمَدُ
قد رواهُ مُسلِمٌ فيما روى
أَو روى هذا الحديثَ أَحمدُ

سيدي مولايَ ما هذا الجفا
أَيَّ ذنبٍ قد جنى قلبي مَعَكْ
هل نَسِيْتَ العَهدَ أَم رسمي عفا
أَم أَتاكَ اليومَ ما قد أَشْغَلَكْ
لا تَقُلْ لي إِنْ تحدَّثْتُ كفى
لا يراكَ قَطُّ من لا يَسْمَعَكْ

ما لِقَلْبِي في هواكَ قد هوى
مثلما يهوى الفِرَاشَ المُقْعَدُ
فاسقني من فضلِ كفَّيكَ دَوَا
رُبَّ عبدٍ قد سقاهُ السَّيِّدُ

رُبَّ بدرٍ في سمايَ قد سما
مثلَ طيفٍ في خَيَالٍ أُوْدِعَهْ
مَرَّ هذا الطَّيْفُ في حُلْمِي كما
مرَّتِ الدُّنيا الفصُولُ الأَرْبَعَةْ
ليتَ شِعري إِنْ أَتى مُسْتَفْهِمَاً
هل يُعِيدُ الدهرُ أَيَّامَ الدَّعَةْ

قد مَضَتْ أَيَّامُ عُمْرِي وَانْطَوَى
تحتَ شاهيني الغُرَابُ الأَسْوَدُ
ما لِذِئبِ العُمرِ فِيَّ قد عَوَى
إِنْ يُطِبْ يَوْمِي فلا طابَ الغَدُ

أَقبلتْ كالشَّمسِ في وقتِ الضُّحى
ترتدي زهراً وزهراً تكتسي
فانحنى عنها الربيعُ وانتحى
واستحتْ منها عيونُ النَّرجِسِ
قد أَتتْ والجوُّ أَضحى وصحا
مثلَ سُلطانٍ أَتى في حَرَسِ

كم ليالٍ قد قضيناها سوى
لا غَفَتْ عينٌ ولا خارتْ يَدُ
لا صديقٌ في هوانا قد غوى
أَو عدوٌّ لا هدى اللهُ العَدُو

يا أُهيلَ الحيِّ من وادي الغَضَا
هل رأَيتُمْ ضَبْيَةً مرَّتْ بِهِ
تَسْتَبِيحُ المِسْكَ في كُلِّ الفَضَا
لا تبالي شرقَهُ مِنْ غربِهِ
لسْتُ أَدري ما ليَ اللهُ قَضَى
غيرَ أَنِّي هائمٌ في حُبِّهِ

يا أُهيلَ الحيِّ قد كُنَّا سَوَى
نُصْدِرُ الوِدَّ ولا نستورِدُ
قد نوى كُلُّ امرِئٍ ما قد نوى
ونوينا بعدَ قُرْبٍ نَبْعُدُ

يا جميلا غَرَّنِي في غُرَّتِهْ
مِثْلَ ضَبْيٍ قد حوى كُلَّ الحلا
مَرَّ نحوي مُسرِعَا في خُطْوَتِهْ
قالَ أَهلا قُلتُ يا كُلَّ الهلا
قد أَتاني يستقي في جَرَّتِهْ
فَضلَ ماءٍ فاستقى مني الغلا

ما لِنَجمِي بَعدَ سَعْدٍ قد هَوَى
مِثْلَ سَيفٍ في جَرَابٍ يُغْمَدُ
كم وَرَدْتُ الماءَ صَفوَا فاستوى
كَدِرَا مِنْ بعدِ صَفْوٍ يُسْرَدُ

كُلَّما هَبَّ الصِّبا في وَجهِهِ
زادَ بِشْرَاً وَبَهَاءً وَسَنَا
وَاستزادَ بعدها في غُنْجِهِ
قُلْتُ من زادكَ ذا قالَ أَنا
لا تَسَلْ ماذا جنى في خُرْجِهِ
كُلُّ ما قد تشتهي النَّفْسُ جنى

يا لَغُصْنٍ في هواكَ قد ذوى
بعدما كان طَرِيَّاً يُحْمَدُ
إِنْ سَقَاهُ الحُبُّ يوما وارتوى
كان نِعْمَ الماءُ نِعْمَ المَورِدُ

وَحَدِيثٍ جَاءَ مِن غَيرِ سَنَدْ
صَحَّ عن فِيِّ الحَبِيبِ وَاتَّصَلْ
مَتْنُهُ سال رَحِيقَاً وَشَهَدْ
ليسَ فِيهِ مِن شُذُوذٍ أَو عِلَلْ
بَعْدَ بِسْمِ اللَّهِ أَثنى وَحَمَدْ
قال أَمَّا بَعْدُ وَانْثَالَ العَسَلْ

قِيلَ عن راوِيهِ آحَادٌ هُوَ
قُلتُ عندي ثِقَةٌ يُعْتَمَدُ
قِيلَ فِيهِ بَعْضُ ضُعْفٍ وَهَوَى
قُلْتُ بي هذا الضَعِيفُ يُعْضَدُ

أبو محمد الموصلي .. في 8 / ذو القعدة / 1439