أحدث المقالات

موقف نبوي مع فوائد ابن حجر والنووي

موقف نبوي مع فوائد ابن حجر والنووي
المؤلف د. أَبو محمد الموصلي
تاريخ النشر
آخر تحديث

موقف نبوي مع فوائد ابن حجر والنووي


موقف نبوي
مع فوائد ابن حجر والنووي

    عن محمود بن الربيع رضي الله عنه: (أن عتبان بن مالك، وكان من أَصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا من الأنصار: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أنكرت بصري (ذهب بصري)، وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي مسجدهم لأصلي لهم، فوددت يا رسول الله أنك تأتي فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، فقال: سأفعل إن شاء الله. قال عتبان: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال لي: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فكبر، فصففنا، فصلى ركعتين ثم سلم، وحبسناه على خزير (دقيق يطبخ بشحم) صنعناه، فثاب (اجتمع) في البيت رجال من أهل الدار ذوو عدد فاجتمعوا، فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخشن؟ فقال بعضهم: ذلك منافق، لا يحب الله ورسوله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقل، ألا تراه قال: لا إله إلا الله، يريد بذلك وجه الله. قال: الله ورسوله أعلم، قال: قلنا: فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين (مودته وكلامه مع المنافقين)، فقال صلى الله عليه وسلم: فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله) البخاري ومسلم.

قال النووي في شرحه لصحيح مسلم في ذكر بعض الفوائد والعبر من ذلك الموقف والحديث النبوي: "
١. فيه زيارة الفاضل المفضول وحضور ضيافته،
٢. وفيه سقوط الجماعة للعذر،
٣. وفيه استصحاب الإمام والعالم ونحوهما بعض أصحابه في ذهابه،
٤. وفيه الاستئذان على الرجل في منزله وإن كان صاحبه وقد تقدم منه استدعاء،
٥. وفيه الابتداء في الأمور بأهمها لأنه صلى الله عليه وسلم جاء للصلاة فلم يجلس حتى صلى،
٦. وفيه جواز صلاة النفل جماعة،
٧. وفيه أن الأفضل في صلاة النهار أن تكون مثنى كصلاة الليل وهو مذهبنا ومذهب الجمهور،
٨. وفيه أنه يستحب لأهل المحلة وجيرانهم إذا ورد رجل صالح إلى منزل بعضهم أن يجتمعوا إليه ويحضروا مجلسه لزيارته وإكرامه والاستفادة منه،
٩. وفيه أنه لا بأس بملازمة الصلاة في موضع معين من البيت، وإنما جاء في الحديث النهي عن إيطان موضع من المسجد للخوف من الرياء ونحوه،
١٠. وفيه الذبُّ عمن ذكر بسوء وهو بريء منه،
١١. وفيه أنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد، وفيه غير ذلك والله أعلم".

وقال ابن حجر: "في هذا الحديث من الفوائد:
١. إمامة الأعمى،
٢. وإخبار المرء عن نفسه بما فيه من عاهة ولا يكون من الشكوى،
٣. وأنه كان في المدينة مساجد للجماعة سوى مسجده صلى الله عليه وسلم،
٤. والتخلف عن الجماعة في المطر والظلمة ونحو ذلك.
٥. والتنبيه على من يظن به الفساد في الدين عند الإمام على جهة النصيحة ولا يعد ذلك غيبة،
٦. وأن على الإمام أن يتثبت في ذلك ويحمل الأمر فيه على الوجه الجميل،
٧. وفيه افتقاد من غاب عن الجماعة بلا عذر،
٨. وأنه لا يكفي في الإيمان النطق من غير اعتقاد،
٩. وأنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد،
١٠. وترجم عليه البخاري: الرخصة في الصلاة في الرحال عند المطر،
١١. وصلاة النوافل جماعة،
١٢. وسلام المأموم حين يسلم الإمام،
١٣. وأن رد السلام على الإمام لا يجب،
١٤. وأن الإمام إذا زار قوما أمهم،
١٥. وشهود عتبان بدرا،
١٦. وأكل الخزيرة،
١٧. وأن العمل الذي يبتغى به وجه الله تعالى ينجي صاحبه إذا قبله الله تعالى،
١٨. وأن من نسب من يظهر الإسلام إلى النفاق ونحوه بقرينة تقوم عنده لا يكفر بذلك ولا يفسق بل يعذر بالتأويل".

فائدة نفيسة: في "فيض الباري على صحيح البخاري" للكشميري: "خص عتبان بن مالك بعدم حضور الجماعة ولم يرخص به لابن أم مكتوم، فقيل في وجهه إن ابن أم مكتوم كان أعمى من بطن أمه، ومثله لا يلحقه تعب ومشقة في الإياب والذهاب، بخلاف عتبان فإن بصره قد ساء في آخره".

تعليقات

عدد التعليقات : 2