القول
المحتمل
في
حكم تارك جنس العمل
المقدمة
الحمد لله الذي لا يحد فضله حد، ولا يحصي نعمه حصر ولا عد، ولا يعترض قوله في ذلكَ أَخذٌ ولا رد، الشَّافِعِ في أَقوامٍ لـم يعملوا خيراً قطْ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على مَن خَطَّ هذا القولَ خَطْ، فَأَكَّدَ على أَنَّ هؤلاءِ الرهطِ قد تركُوا جِنسَ العملِ بِـ(قَطْ)، وعلى آلهِ وصحبهِ أَهلِ الحلِّ والعقد، والعدلِ والضَّبط.
وبعد..
فمسأَلةُ تركِ جنسِ العمل تُعدُّ مِن أَدقِّ
مباحثِ الإِيمان، وأَخطرِ مباحِثِ الأَحكامِ؛ لِما يتعلَّقُ بها مِن أَحكامِ الإِرجاءِ
والتَّكفِيرِ، ولما يَترتَّبُ عليها من آثارٍ عمليةٍ في التَّنظيرِ والتقريرِ.
وأَوَّلُ مَا يُنظرُ فيهِ - في هذهِ الْمَسأَلةِ - هُوَ أَنْ يُسْأَلَ: هل
ترك جنس العمل مسألة افتراضية أَم حقيقية..؟، فإِنْ كانت افتراضيةً فلا حكم ينبني
عليها، وإِنْ كانت حقيقة وهو الراجح؛ لِصدقِ حَدِيثِ الشَّفاعةِ فيها (لـم يعملوا
خيرا قط) عندَ مسلم وغيرِهِ، وهو الأَصل في هذا الباب، ولِثُبُوْتِ صِدقِها ولو في
واحدٍ، فالنُّدرة لا تنفي الوقوع، فقد تَـمَّ المطلوب.
ولا ينظر بعد ذلك إِلى نوعِ العُذر
خاصَّاً كان أَو عامَّاً. كما لا يُنظر إِلى القُدرة والاستطاعة ممكنةً كانت أَو
مُـمْتنعةً، ولا يستدل على خلو الباطن بخلو الظاهر، وأما الأَخذ باللوازم العقليةِ؛
كقولهم مثلاً: إِنَّ تركَ جنسِ العمل الظاهر مع القدرة عليه يلزم منه ترك الإِيمان
الباطن، أَو يلزم منه الاستخفاف بالدين، فهذا من باب الاستنباط العقلي، والاستدلال
الذهني، فهذا مما لا يقره الشرع لاسيما في هذا الباب، فضلا عن مصادمته للنَّصِّ.
وَمِنْ أَبرزِ الإِشكالاتِ والشُّبَهِ التي أُثيرتْ في هذا الباب في ظني هو:
الاعتراض القائل بأَنَّ (ترك العمل مع
القدرة ينافي حقيقة الإِيمان ويستلزم عدم التصديق). وكذا: ( انتفاء جنس العمل
الظاهر(الإِسلام) يدل على انتفاء العمل الباطن (الإِيمان) ).
وهذه
الورقات تعالج هذا الاعتراض معالجة علمية في ضوء النصوص الشرعية، مع بيان ضوابطِ
النظرِ في (اللوازم العقلية) في باب الإِيـْمَان؛ فإِنَّ هذه اللوازم - في
ظِنِّنَا – هي الْمدخلُ الذي يلجُ منهُ كثيرٌ مِنَ الْمُخالِفِين لأَهلِ الحديثِ في
هذا الباب.
أَصل الشُّبهةِ:
وأَصلُ الشبهةِ وأَقوى منافذ الاعتراض عند المخالفين في هذا الباب هو ظنُّهُم
أَنَّ مَن ترك جنسَ العملِ الظاهرِ مع القدرة عليه، فقد دَلَّ تركُهُ على انتفاءِ
التَّصديقِ البَاطِنِ أَو بعضِ لوازمِهِ؛ إِذ لو وُجِد التصديقُ لزم أَنْ يظهرَ أَثرهُ
في العمل، فانتفاءُ العمل دليلٌ على انتفاءِ الإِيمان..!
والجوابُ عن هذهِ الشُّبهةِ مِن وجوهٍ:
أَوَّلاً: النُّصُوصُ الشَّرعيةُ:
فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبي
سعيد الخدري في الشَّفاعة قولُهُ ﷺ في آخِرِ مَن يخرجُ مِن النَّارِ في حديث
الشفاعةِ: «لَـمْ يعملوا خيراً قَطْ».
وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ في ثبوتِ أَصل ِالإِيمانِ لِمَن لـمْ يعمل خيراً مِن أَعمال
الجوارحِ، وهو الأَصل في هذا الباب.
معنى الحديث:
وقد اختلف
في معنى هذا الحديث؛ فقيل: "معنى ذلك: أَنَّهُم عملوا حسنات ولكن أَكلتها
السيئات، حتى لا يأتي أحد فَيَقُولُ: تارك الصلاة يدخل في الشَّفَاعَة ولم يعمل
خيراً قط، فالقضية ليست هكذا"، سفر الحوالي شرح العقيدة الطحاوية 1/1949.
وهذا تأويلٌ باردٌ للحديثِ ومناقضٌ لدلالتِهِ،
فكيفَ يقولُ: "عملوا حسناتٍ"، والحديثُ يقولُ: (لـم يعملوا خيراً قط)،
وما دلالةُ (قط) إِنْ لـم تكن وُضِعَتْ لنفي أَصلِ العملِ، لا لنتيجتهِ.
وقيل:
أَنَّهُم لـم يعملوا خيراً، ولـم يعملوا كفراً أَيضَاً، أَي أَنَّهُم لـم يعملوا
خيراً قط، لكِن ليسوا مِنَ الكُفارِ والْمُشركين، إِمَّا أَنْ يكونوا مِن أَهلِ
الفترة، أَو مِن أَمثال الذين لا تقومُ عليهُمُ الحُجَّةُ في الدُّنيا كالْمُخَرِّفِ
أَوِ الْمَعْتُوْهِ
وقيل:
هُمْ مَن يتوبُ ويُسلمُ ثُمَّ يَـمُوتُ قبل أَنْ يعمل خيرَاً قط، مع أَنَّ هذا حكمُهُ
حكم الْمُسلِمِ، فلا شكَّ أَنَّهُ مِن أَهلِ الجَنَّةِ.
وقيل:
قد يكونُ هؤلاءِ مِمَّنْ لـم يُسلِمْ، لكنَّهُ تركَ الكُفرَ والشِّركَ ثُـمَّ لـم
يهتدِ بالإِيمانِ أَو
للإِيمانِ.
وقيل أَيضاً: إِنَّ معنى الحديث يحتملُ أَنَّ الذين
يخرجون مِنَ النارِ هُم أُناسٌ مِن ذريَّاتِ الْمُشركِين، أَو مِـمَّن تابوا في
آخرِ لحظةٍ ولـم يعملوا خيراً قط، وماتوا على أَمرٍ هو أَقربُ إِلى الكفر، لكنَّهُم
استأنفوا حياةً جديدةً في حالِ الغرغرةِ. وقيل: غير ذلك.
وقيل:
بل هذا أَمرٌ راجِعٌ إِلى مشيئةِ اللهِ تعالى، وقد يشمل ذلكَ الكُفَّارَ الخُلَّصَ،
واللهُ على كل شيء قدير، لِيُبيِّنَ لِعِبَادِهِ أَنَّهُ يفعلُ ما يشاءُ، وَأَنَّهُ
لا يَتَأَلَّى عليهِ أَحَدٌ. ينظرُ: شرحُ العقيدة الطحاوية لناصر العقل (٢٠/٥).
والأَقربُ أَنَّ هؤلاءِ لـم يعملوا خيراً قط، على
حقيقتِهَا وظاهِرِها، ولكنَّهُم ليسوا بِـمُشركين، فهَؤلاءِ يدخلونَ الجنةَ بغيرِ
اسْتِحقاقٍ سَبَبيٍّ مِنهُمْ، وَإِنَّـمَا برحمةِ اللهِ تعالى وليسَ بِالْمَغفِرةِ
فقط، والرَّحمةُ غيرُ الْمغفرةِ، فَالْمَغْفِرَةُ لِلسَّيِّئَاتِ، وَالرَّحمَةُ
لِدُخُولِ الـجَنَّاتِ، وَمِصداقُ ذلِكَ قَولُ ابنِ القيِّمِ رحمهُ اللهُ في حادي
الأَرواح (2/780) حيثُ قالَ: "فهذا السِّيَاقُ
يَدُلُّ على أَنَّ هؤَلاءِ لـم يكُنْ في قُلوبِهِم مِثقالُ ذَرَّةٍ مِن خيرٍ، وَمَعَ
هذا فَأَخرجتْهُمُ الرَّحمةُ".
وَاللهُ تعالى أَعلم.
وقد سُئِلَ العلامةُ ابنُ عُثيمينَ عن معنى الحديث، فأَجابَ رحمهُ اللهُ
بقولهِ: معنى قولِهِ: «لـم يعملوا خيراً قط» أَنَّهُم ما عملوا أَعمالاً صَالِحةً،
لَكِنَّ الإِيمان قد وقرَ فِي قلوبِهِم، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَؤَلاءِ قد ماتوا قبلَ
التَّمَكُّنِ مِنَ العملِ؛ آمنوا ثُمَّ ماتُوا قبلَ أَنْ يتمكنوا مِنَ العَمَلِ،
وحينئذٍ يصدُقُ عليهِم أَنَّهُم لـم يعملوا خيراً قط. مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن
صالح العثيمين (2/47).
قلت: فَإِذا ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ
يُنْشِئُ لِلجَنَّةِ خَلْقَاً آخَرَ، يُسْكِنَهُمْ إِيَّاهَا، وَلَـم يعملوا خيراً
قط تكونُ الـجَنَّةُ جَزَاءُهُ، فمِنْ بابِ أَولى - في فضل الله تعالى وكرمهِ -
أَنْ يُدخِلَ أَقوامَاً مِنْ خَلقِهِ الـجَنَّةَ وقد تَعَرَّضُوا لِلْبَلَاءِ
وَالْمِحَنِ فِي الدُّنيا، وَإِنْ لـم يعملوا خيراً قط أَيضَاً. فإِنَّ الأَخذَ
بلوازمِ الرَّحمةِ والتَّبشِيرِ خيرٌ مِنَ الأَخذِ بلوازمِ العَذابِ والتَّكفيرِ،
لا سيما معَ اللهِ تعالى؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (هُوَ أَهْلُ
التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(.
ثانِيَاً: التَّلَازمُ العَقلِي الْمُدَّعَى:
دعوى أَنَّ التَّصديقَ يستلزمُ بالضرورة العمل دعوى غير مسلَّمة، إِذ قد
يصدق المرء بقلبهِ مع ضُعفِ عزيمتِهِ، أَو غلبةِ هواهُ، فيتركُ العملَ الظاهِرَ. وقد
يكون في القلب إِيمان تام من جهة التصديق والْمحبة والانقياد، ولا يتمكن صاحبه من
العمل الظاهر، فملازمة الظاهر للباطن حقيقة عند عدم العذر وإمكان الفعل، فكيف إِذا
كان الإِيمان ناقصاً..؟ والواقع يشهد أَنَّ العصاة قد يقعون في كبائر الذنوب مع
إقرارهم بحرمتها ويقينهم بالعقوبة المترتبة عليها، مما يدل على إمكان وجود التصديق
مع ضعف الامتثال العملي.
ثَالِثَاً: مسأَلة التكفير باللازم:
فقولهم:
بأَنَّ (تركَ العملِ يلزمُ منهُ انتفاءُ التصديق أَوِ الاستخفافُ بالدينِ)، هُوَ مِن قبيلِ اللَّوازمِ العقليةِ. وهذا في
الحقيقة راجع إِلى القياسِ العقليِّ الْمَحضِ، والشَّرع لا يجعل الأَحكام في بابِ الإِيـمـانِ
تابعةً لِمِثلِ هذهِ اللَّوازمِ. والتكفيرُ بِاللازمِ لا يجوزُ؛ إِذ قد يلتزم
المرءُ شيئاً لا يستلزمه قولُهُ، أَو يُلزمُ بِلازمٍ لا يراه. ولهذا قرَّرَ أَهلُ
العِلمِ أَنَّ تكفيرَ القولِ لا يستلزمُ تكفيرَ القائلِ. فالَّلازِمُ العقليُّ لا
يُعَدُّ لازِمَاً شَرعِيَّاً إِلَّا بِدِليلٍ مُعتبرٍ مِنَ الشرعِ. وأَهلُ العِلمِ
والتَّحقيقِ يُفرِّقونَ بينَ ما جعلهُ الشَّارِعُ لَازِمَاً وما جعلهُ العقلُ
لازِماً إِذْ لا يستويان مَثَلاً؛ وعليهِ فاللوازمُ نوعان:
• اللوازم العقلية: وهي ما يراه العقلُ
لازِماً بين الشَّيئينِ.
• اللوازم الشرعية: وهي ما أَثبتهُ الشَّرعُ،
وجعلهُ لازِماً بين الشَّيئينِ.
ولما كان الخبرُ في هذا البابِ هو خبرٌ غيبيٌّ، وهو متعلقٌ بواقعٍ إِيمانيٍّ،
فالخبرُ الشرعيُّ الغيبيُّ لهُ لازمٌ يحكمُ بهِ الواقعَ الإِيمانيَّ، وليس العكس، فالبابُ في هذهِ المسألة توقيفيٌّ لا مدخلَ
للعقلِ في إِثبات اللازمِ والملزومِ، بل يُرجعُ فيهِ إِلى نصوصِ الشرع.
ثُـمَّ أَنَّ قولهم: "ترك العمل يستلزم عدم التصديق" هو تكفيرٌ
لِمن هذا حالُهُ، وهُوَ تكفيرٌ بِاللَّازِم كما هو ظاهرٌ، والتَّكفيرُ باللازم ليس
بلازم كما هُوَ مُقَرَّرٌ؛ ثُـمَّ
أَنَّهُ إِلزامٌ لِلمُخالفِ بما هو ضد قولهِ فهو من قبيل إلزام الخصم، وهو لا يكون
حجةً إِلَّا إِذا التزمهُ الْمُخالِفِ فضلاً عن الشرعِ. والشرع أَصلاً لـم يجعل
هذا اللازم لازماً، فبقِيَ هذا اللازمُ مُـجَرَّدَ دعوى عقلية واستنتاجٍ ذهنيٍّ.
رَابِعَاً: معنى الاستطاعة الشرعية:
وهي القدرةُ على الفعل، وهيَ في
الاصطلاح الشرعي ليست محصورة في السَّلامة البدنية والمكنة الجسدية، بل يشترط فيها
انتفاء الموانع الداخلية. فالاستطاعة نوعان:
- استطاعةٌ بفعلِ الأَسبابِ الظاهرة،
وشرطها سلامة البدن، وصحة الجسد، وعدم وجود موانع ظاهرة تمنع من ذلك.
- واستطاعة بانشراح الصدرِ للفعلِ،
وتخلفِ الموانعِ عنها؛ كالكسَلِ، والغفلةِ، والهوى، والتسويف، والإِعراض، وهذا من
دقائق مباحِثِ القدرة والاستطاعة التي ينبغي لطلبة العلمِ النظرُ فيها، والوقوفُ
عندها.
فإِذا تخلفت الثانية لـم يكن العبد مُستطيعاً
حقيقةً. فقد يترك العبد العمل مع بقاء التصديق بسبب هذه الموانع، وهو ما يصدق عليه
الحديث؛ لأَنَّ الاستطاعة الأُولى صاحبها معذور شرعاً فما بقى إِلَّا الاستطاعة
الثانية، فتم بها المطلوب.
وأَمَّا قولُ العقلِ: "إِذا صدق بقلبه فلابد أَن يعمل"، فهذا ليس
مُطَّرِدَاً. فقد يُصَدِّقُ ثُمَّ يحجزُهُ مانعٍ من الموانع؛ كضُعفِ عزيمةٍ، أَو
غلبةِ شهوةٍ، أَو تقصيرٍ شديدٍ. أَلا ترى أَنَّ بعض الْمسلمين يشربُ الخمرَ أَو
يزني معَ علمِهِ وإِقرارهِ بحرمتِها ويقينِهِ بالجزاءِ؟ فهل يقادحُ هذا في أَصلِ
التَّصديقِ أَم في كمالهِ..؟ فهكذا قد
يبلغُ الحالُ بالعبدِ أَنْ يُبتلى بتركِ جنس العمل الظاهر كلِّهِ، ويبقى أَصلُ
التصديق. وهو ممكنٌ شرعاً وعقلاً وواقعاً.
الخاتمة
يَتَبَيَّنُ
مما سبق أَنَّ الاعتراض القائل بأَنَّ تركَ العمل مع القدرة ينافي التصديق اعتراضٌ
عقليٌّ مَـحَضٌ، لا يثبتُ أَمامَ النُّصوصِ الْمُحكمة. فقد دلَّتْ على وجودِ مَن صَدَّقَ
بقلبِهِ ولـم يعملْ خَيراً قَط، وَالنَّصُّ مُقَدَّمٌ على القِيَاسِ العقلِيِّ، وَمَا
يُدَعَّى مِن (لوازمٍ عقليةٍ) لا يجوز اعتمادُهُ هُنا في هذا الباب وهو باب الإِيمانِ
بالأَخبارِ الغيبيةِ وما تستلزمهُ؛ لأَنَّهُ بابٌ توقيفيٌ يُبْنَى على التسليمِ، لا
على الاستنتاجاتِ الذِّهنيةِ الْمُعترضَةِ عليهِ. هذا وأَنَّ لوازم النُّصُوصِ في
بابِ الأَخبارِ الغيبيةِ -كهذا الخبرِ - فرعٌ
مِنَ الإِيمان بالغيبِ، حالُهُ حالُ بابِ الصِّفاتِ الخبريةِ، ومِن ثَمَّ فالحكمُ
الشَّرعِيُّ يظلُ منوطاً بِما دَلَّ عليهِ النَّصُّ، دونَ الالتفاتِ إِلى دعاوى
التلازم العقلي الَّتِي لَـمْ يُثبتْهَا الشَّرع.
وكما أَنَّهُ قد اتفق أَهل السنة
والجماعة على أَنَّهُ إِذا تعارض العقل مع النقل في خبر ما قدم النقل على العقل،
وأَصبح هذا الأَصل مِن أُصول أَهل السنة والجماعة التي تُميِّزُهُم عن غيرِهِم مِن
أَهلِ البِدعِ والأَهواء. فكذلك نقول: إِذا تعارضَ لازمُ ذلكَ الخبرِ الشَّرعي معَ
لازمِهِ العقلي، فإِنَّنا نُقدِّمُ لازِمَهُ الشَّرعي ومقتضاهُ على لازمِهِ العقلي،
لأَنَّ هذهِ حقيقةُ الإِيمان. والله تعالى أَعلى وأَعلم.