كلمة الفصل: المذاهب الفقهية والمفاضلة بين العلماء
إِنَّ فضلَ المذاهب الأربعة وأصحابها عظيمٌ جداً، وكذا فضلُ أصحاب الحديث، وكذلك فضلُ العلماء المحققين على مَرِّ العصور، والذين هم في الغالب قد جمعوا بين المدرستين.
ولا ينبغي بعد هذا إثارة المفاضلات بينها؛ لغرض المزايدة أو المناقصة عليها؛ لأن المسلمين جميعاً مأمورون بِحُبِّ أهلِ العلم وتوقيرهم واحترامهم من أَيِّ مذهبٍ سُنيٍّ مُعتبرٍ كانوا، بل الواجبُ شرعاً إتباعهم ولكن بشرط الاتباع، وهو ظهور الحجة وبيان المحجة.
أصول الاختيار والترجيح
لا ينبغي بعد هذا حملُ الناس على أَيِّ مذهبٍ من المذاهب ولو كان مذهب الجمهور، إلا بسلطان الحجة وقوة البرهان. كما لا ينبغي التعريضُ باختيارات المحققين من أهل العلم بحجج واهية، وشُبَهٍ عارية.
وفي المقابل ينبغي على كل مسلم سلفي أو غير سلفي أَن يحترم العلماء وينزل كلاً منهم منزلته وقدره. فمذهب الجمهور مثلا مقدم في الإجلال والاعتبار على سائر المذاهب، وهكذا التفضيل في ما بين المذاهب كلها أمر جائز لا واجب. وأما الترجيح والاختيار فلا يكون إلا لمن نصبَ الحُجة وبسطَ المحجة.
الفرق بين الاختيارات والانتقاءات
وعندها لا ينظر إلى كثرة وقلة، ولا إلى مذاهب الأئمة واختيارات غيرهم، والتي في الغالب العام ترجع إلى قول من أقوالهم نصره إمام محقق وعالم مدقق.
وهنا فرق بين اختيارات العلماء المحققين لقول من أحد المذاهب المتبوعة وبين انتقاء أهل الأهواء من المقلدين لقول منها.
الإختيارات: هو اجتهاد العلماء الراسخين.
والانتقاءات: هي استسهال أهل الأهواء المقلدين.
والذي يكشف ذلك كله حجج العلم، وسبل الاتباع، وصدق التدين. والله الموفق.
د. أَبو محمد الموصلي