أحدث المقالات

ففهمناها سليمان ..(١)

ففهمناها سليمان ..(١)
المؤلف د. أَبو محمد الموصلي
تاريخ النشر
آخر تحديث


ففهمناها سليمان ..(١)




تأملات في آية..(١) {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد.. وفيها سؤالان وجوابهما. الأول: لِمَ قال تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}، ولم يقل: (أفْهَمْنَاهَا سُلَيْمَانَ)..؟ الثاني: لِمَ قال تعالى: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}. وما علاقة الفهم بهما..؟ الجواب الأول: ينبغي معرفة العلاقة بين الأفعال الثلاث: (فَهِمَ وفَهَّمَ وأفْهَمَ). • الفعل (فَهِمَ): فعل متعدٍ لمفعول واحد، ومعناه في الألفاظ إدراك المعاني. • وأما فَهَّمَ: فهو فعل متعدٍ لمفعولين، وله عدة معان؛ منها: النسبة والتضعيف والتعدية والسلب. - فالنسبة: هو أن ينسب المفعول إلى أصل الفعل، فسليمان عليه السلام كان عنده أصل الفهم للمسألة. - والتضعيف: للدلالة على التكثير والمبالغة في الفعل، ففيها دلالة على زيادة الفهم عن الأصل، وأنه من الله عزّ وجل. - وأما التعدية: فدلالتها أن يصبح الفعل اللازم متعديا بالتضعيف، والمتعدي لمفعول واحد إلى متعد إلى مفعولين، وهكذا، وفيه يصير الفاعل مفعولا. - والسلب: لإزالة الفهم السابق للمسألة بفهم أخر لها. ✓ وحاصل المعنى: أن سليمان عليه السلام كان عنده أصل الفهم للمسألة، ولكن الله زاد في فهمه لها، وقد سلب الفهم الاول لها وأبدله بفهم أخر. • وأما الفعل: (أفْهَمَ): فيفيد من المعاني السابق التعدية والسلب، ولا دلالة فيه على النسبة والتضعيف واللذان هما من دلالة الفعل (فَهَّمَ). ومما سبق يعلم أن قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}، أبلغ من قولنا: (فأفهمناها سليمان)؛ وذلك لتضمن الفعل (فَهَّمَ) معانٍ زائدة على الفعل (أفْهَمَ)، وهي التضعيف والنسبة. فالآية أشعرتنا بأن سليمان عليه السلام كان عنده أصل الفهم للمسألة، وهو منسوب إليه، فليس هو عاطل عنه، ولا أن التفهيم إلهام مجرد، وإنما هو توفيق في إصابة الحكم له أصل وأسباب وحِكم. ولما كان نسبة هذا الفهم لسليمان عليه السلام قد يشعر بالتعريض بأبيه داؤود عليه السلام، دفعه الله تعالى بقوله: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا}. فما علاقة الفهم بالحكم والعلم..؟ هذا جوابه في الخاطرة القادمة إن شاء الله تعالى. د. أبو محمد الموصلي.. ** سبب النزول: عن ابن مسعود في قوله: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم ) قال : كَرَمْ (أي عنب) قد أنبتت عناقيده ، فأفسدته. قال: فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم، فقال سليمان: غير هذا يا نبي الله! قال: وما ذاك؟ قال: تدفع الكرم إلى صاحب الغنم، فيقوم عليه حتى يعود كما كان، وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا كان الكرم كما كان دفعت الكرم إلى صاحبه، ودفعت الغنم إلى صاحبها، فذلك قوله: (ففهمناها سليمان).

تعليقات

عدد التعليقات : 0