(قاعدة في تعارض الحقائق)
إذا تعارضت الحقائق، فإن كل حقيقة تُقدَّم في بابها:
فاللغوية تُقدَّم في مقام اللغة.
والشرعية في مقام النصوص الشرعية.
والعرفية في باب الفتوى والمعاملات الجارية بين الناس.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى تقديم الحقيقة الشرعية على غيرها عند تفسير نصوص الشريعة، لأنها المقصودة في خطاب الشارع، بخلاف العرفية واللغوية.
ثم اختلفوا عند تعارض الحقيقة العرفية مع الحقيقة اللغوية:
فذهب الجمهور إلى تقديم العرفية، لأنها تكشف عن مراد المتكلم، وتُعتمد في الفتوى.
وذهب الحنفية إلى تقديم اللغوية، تمسكًا بأصل الوضع، لا سيما عند تفسير نصوص القرآن والسنة.
والراجح أن مذهب الجمهور يُقدَّم في باب الفتوى، لمراعاة أعراف الناس ومقاصدهم، وأن مذهب الحنفية يُقدَّم في تفسير النصوص الشرعية التي لم تقم قرينة على إرادة غير الحقيقة اللغوية.
مثال ذلك: قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾، فـ"السبع" هنا يُفسَّر بالحقيقة اللغوية (كل حيوان مفترس)، لأنه تفسير لنص شرعي، وهو مذهب الحنفية.
أما لو قال رجل في عرفٍ يخص "السبع" بالأسد: "والله لأصيدنَّ اليوم سبعاً"، ثم لم يصطد أَسداً، بل صاد صقراً أَو ذئباً – فإننا نُفتي بوقوع الحِنث بناءً على الحقيقة العرفية، وهو مذهب الجمهور.
د. أبو محمد الموصلي