إِمامة الأَلباني
أَما الحديث، فإمامته فيه - كما كان يقول رحمه الله - أَمر لا يختلف فيه اثنان، ولا ينتطح عليه عنزان.
وأَما العقيدة، فإمامته ظاهرة، فقد كان رحمه الخط الفاصل بين مقالات الخوارج والمرجئة.
وأَما الفقه فما هو معيار الإمامة فيه..؟
- إِن كان المعيار عدد الطلاب والمستفيدين منه؛ فما أَكثرهم في الناس وما أَجلهم، بل إن أَهل الفقه من بعده جميعهم عيال عليه.
- وإِن كانت الكتب والمصنفات الفقهية فهي أَكثر من أَن تُعد، وأَعصى من أَن تُحصى.
- وإِن كان معيار الإِمامة هو الأَثر الفقهي في الأُمة؛ فإِنَّهُ رحمهُ الله قد ملأَ الدنيا وشغل الناس.
وهو بهذه المعايير أَولى بالإِمامة من كثير من الأَئمة المتقدمين، كالليث والنخعي والأَوزاعي وغيرهم.
وأَمَّا إِنْ كان معيار الإِمامة أَن يكون له مذهب مستقل ومشهور كالأَئمة الأَربعة، فهذا أَوَّلاً: لا قائلَ بهِ، وثانياً: هو رحمه الله لم يسع لهذا الأَمر ولم يطلبه، ولو شاءه لنَظَّرَ له، وقام به طلابه، فأَوشك أَن يكون.
وأَما مقارنتهُ بالأَئمة الأَربعة فلا يشك طالب علم أَنَّ كلٌّ مِنهم فوقهُ بمراتبَ، وإِذا كُنَّا لا نقارنه ولا هو يقارن نفسه بشيخ الإِسلام أَو بتلميذه ابن القيم، فكيف يقارن بواحد من الأَئمة الأَربعة..؟! فَــ
أَقِـلّـوا عَلَيـهِـم لا أَبـا لِأَبـيـكُـمُ
مِنَ اللَومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا
أَولَئِكَ قَومٌ إِن بَنَوا أَحسَنوا البُنى
وَإِن عاهَدوا أَوفَوا وَإِن عَقَدوا شَدّوا
إِنَّ إِمامة الأَلباني في الفقه ظاهرة لمخالفيه قبل مؤيديه، ولمبغضيه قبل محبيه، ولا يضرهُ أَنَّهُ يقاتل وحده، وأَنَّ سِلاحَهُ مِن صُنعهِ، فإِنَّ هذا شأنُ الأَئمة الكبار.